أحدثت التطورات الأخيرة المتسارعة والمفاجئة في سوريا إرباكا في المشهد بالشرق الأوسط؛ حيث سيطرة المعارضة المسلحة للرئيس بشار الأسد في غضون فترة وجيزة على مدينتي حلب وحماه؛ وتحث السير نحو دمشق في حال تجاوز حمص.
لكن التقارير الكثيرة والمعلومات شديدة التضارب تجعل اقتحام قراءة المشهد مغامرة غير محسوبة؛ إلا من خبير بتعقد الحغرافيا السياسية بسوريا.
الصحفي السوري الكبير والمخضرم عبدو حليمة كفانا مؤونة هذه المهمة وكتب بالتفصيل:
أبرز النقاط في المشهد السوري حتى اليوم
أولاً:
المبادرات تعثرت بسبب التطورات الميدانية المتسارعة، وتأجيل الردود لما بعد اجتماع الدوحة السبت
ثانياً:
إيران علمت جيدا أن جميع تحركاتها بنقل أسلحة وأفراد إلى سوريا ستستهدفه أمريكا وإسرائيل بمجرد دخوله الحدود، بل يتم العمل على قطع الطريق البري نهائيا بتحريك مقاتلين من الفصائل يوجدون في منطقة التنف
ثالثاً:
لبنان سيتحمل مسؤولية إغلاق الحدود ومنع نقل أسلحة وعناصر من الحزب إلى سوريا، وإسرائيل توعدت باستهداف كل تحرك من هذا النوع
رابعاً:
تعثر الإمدادات وفقدان البيئة الحاضنة، دفع بالجيش السوري والحكومة هناك إلى الاقتناع بأن الأولوية القصوى هي عدم استنزاف القوات بمعارك مدن، وتحشيد كل القوى في الساحل ودمشق واستجماع القوة التي تسمح بموقف تفاوضي بأقل الخسائر الممكنة( مالم تحصل مفاجآت ميدانية)
خامساً:
تحرك الجنوب يشبه تماماً بحيثياته تحرك الشمال وينطبق عليه كل ما ذكر من انسحابات نحو خط دفاعي في محيط دمشق وريفها بشعاع جغرافي آمن
سادساً:
جميع أطراف الحرب لديها تعليمات صارمة بعدم اتخاذ خطوات عسكرية انتقامية أو ارتكاب “حماقات ميدانية” تجعل الصورة دموية وقاتمة وتفقد الطرف المنفذ دعما قد يقلب المعادلة برمتها
سابعاً:
الدول العربية أجلت اجتماع وزرائها الطارئ لأنها غير متفقة على الصياغة الحاسمة، وتترقب هذه الدول المشهد خلال الأسبوع القادم لصياغة مايناسب المرحلة والتطورات
ثامناً ( مجرد رأي )
سوريا لن تشهد تلك الصورة السوداء من حرب طائفية وعرقية مهما كان تطور الأحداث، وأعتقد أن الخطوط الحمر التي كانت مرسومة قبل أسبوع تحركت بفعل المفاجأة من انسحابات كبرى للجيش لم يتوقعها المهاجمون
إن المدن التي سيطرت عليها المعارضة استراتيجية وكبيرة وفيها ثقل كبير، ولكن لم تكن يوما منذ عام 2011 مناطق ولاء، ولكنها مناطق مصالحات، وهذا ينطبق على درعا
لكن الأمر نفسه لا ينطبق على دمشق والساحل ذات الثقل الموازي، بوجود ولاء وحاضنة وقوة عسكرية وأمنية محصنة، تضاف إليها رغبة عربية صارمة ودولية ربما بعدم السماح للمعارك بأن تطالها وخاصة العاصمة، والحل سيكون بناءا على هذا الفرز العسكري والجغرافي والسياسي،
ولكن أقسم لكم بالله أن هناك حل سيكون بكل أشكاله أفضل من الوضع الذي نحن عليه منذ عام 2011
لا تبيعوا الناس الوهم ولا تنشرو ماليس لكم به علم،
الأمر لا يحتمل شعبوية فيسبوكية وبيع أحلام مؤقتة واستعجال القص واللصق
الوضع ليس مثاليا وبالتأكيد مقلق جداً، لكن انظروا إلى الصورة من بعيد وستجدون أن الأمور ذاهبة إلى حلول بشكل حاسم ومرضي، من دون مساحيق التخدير السياسي والاجتماعي، وسيكون كل شيءٍ حقيقي وملموس
سوريا بأمان الله وبأعين الله – تفاءلوا والقادم جميل