اعتبر الباحث السياسي المالي سامبو سيسوكو أن التجربة الموريتانية في مكافحة الإرهاب تمثل نموذجًا ناجحًا في منطقة الساحل، موضحًا أن نواكشوط استطاعت خلال السنوات الماضية ترسيخ الأمن والاستقرار دون اللجوء إلى الخطابات الصاخبة أو التحالفات العسكرية المثيرة للجدل.
وقال سيسوكو، في مقال تحليلي، إن موريتانيا نجحت في مواجهة التحديات الأمنية عبر اعتماد مقاربة ميدانية واجتماعية تقوم على فهم البنية القبلية والمجالية في المناطق الحدودية، بدل الاكتفاء بالعمليات العسكرية التقليدية. وأضاف أن إنشاء قواعد عسكرية متقدمة يقودها ضباط ملمون بطبيعة المنطقة ولغاتها ساعد في منع تمدد الجماعات المتطرفة داخل البلاد.
وأشار الباحث إلى أن نواكشوط اختارت أيضًا مسارا فكريًا ودينيًا موازياً، حيث شارك أئمة متخصصون في حوارات مع الموقوفين المتورطين في قضايا إرهاب، مما أسهم في تصحيح مفاهيم دينية مغلوطة وإعادة دمج عدد من التائبين داخل المجتمع.
وفي سياق المقارنة مع دول التحالف العسكري في الساحل (AES)، أكد سيسوكو أن موريتانيا تمكنت من تعزيز سيادتها دون استجلاب قوات أجنبية أو الاعتماد على المرتزقة، ودون تحويل المؤسسة العسكرية إلى أداة للحكم السياسي، وهو ما اعتبره أحد عوامل استقرار الدولة مقارنة ببلدان شهدت انقلابات متكررة.
كما شدد على أن نواكشوط تنتهج سياسة خارجية متوازنة تقوم على التعاون العملي بدل المواجهة الإعلامية، مع الحفاظ على هامش مستقل في اتخاذ القرار الوطني.
وختم الباحث بأن التحديات الاقتصادية والاجتماعية ما تزال قائمة في موريتانيا، غير أن التجربة الأمنية والسياسية تقدم، برأيه، درسًا واضحًا لدول الساحل مفاده أن “الاستقرار يُبنى بالصبر والمعرفة والانضباط، لا بالشعارات والخطابات”.
